قَدَاسَةُ البَابَا فرنسيس
مرسوم الدعوة إلى اليوبيل الاستثنائي
"يوبيل الرحمة"
11 أبريل / نيسان 2015
بازيليك القديس بطرس
لا يزال صدى سلام يسوع القائم من بين الأموات لتلاميذه، في مساء يوم الفصح، يُسمع فينا جميعا: "السلام لكم!". إن السلام، وبالأخص في الأسابيع الأخيرة، يبقىى رغبةَ الكثيرِ من الشعوبِ التي تعاني من عنفٍ لم يسبق له مثيل من التمييز والموت، فقط لأنها تحمل إسم المسيح. تشتدّ صلاتنا بصرخةِ استغاثةٍ إلى الآب الكثير الرحمة كي يُعينَ إيمانَ الكثيرِ من الإخوة والأخوات الذين يتألمون، فيما نلتَمِسُ التوبةَ لقلوبِنا فتَعبُرَ من اللامبالاةِ إلى الإشفاق.
يذكّرنا القديسُ بولس أننا قد خُلِّصنا بسرِّ موتِ وقيامةِ الربّ يسوع. إنه هو المُصلِح الذي يعيش في وسطنا كي يهدينا إلى درب المصالحة مع الله وبين الإخوة. يذكّر الرسول أيضًا أن الرجاء بالخلاص الذي غرسه المسيح في قلوبنا، ينمو بالرُغم من المصاعب والشدائد الحياتية. فقد انسكبت رحمة الله فينا فجعلتنا أبرارا وأعطتنا السلام.
هناك سؤال في قلوب الكثيرين: لماذا ندعو اليوم إلى يوبيل الرحمة؟ بكل بساطة، لأن الكنيسة مدعوّة، في زمن التغييرات الكبيرة هذا، إلى أن تقدّمَ بشكلٍ أقوى علامات الرجاء وقُربِ الله. إن هذا الزمن ليس زمن تشتت وإنما، بالعكس، هو زمن علينا فيه أن نبقى يقظين وأن نوقظَ فينا قدرةَ التَطلّعِ إلى ما هو جوهري. حان الوقت للكنيسة كي تَجِدَ من جديد معنى الرسالةَ التي أوكلَها الربُّ إليها يوم القيامة: أن تكون علامةً ووسيلةً لمحبةِ الآب (را. يو 20، 21 - 23). لهذا فيجب على السنة المقدسة هذه أن تُنعش الرغبةَ في اقتطافِ علاماتِ العطف الكثيرة التي يهبها الله إلى العالم أجمع، وبالأخص إلى الذين يتألمون أو يعانون من الوحدة أو متروكون أو هم يائسون من نيل الغفران أو من رجاء الإحساس بأنهم محبوبون من الآب. هي سنة مقدسة كي نشعر بعظمة فرح النابع من أن يسوع وجَدَنا، بعد أن جاء ليبحث عنا كالراعي الصالح، لأننا كنا ضالّين. هو يوبيل كي نشعر بحرارة محبته عندما يحملنا على كتفيه ليعيدنا إلى بيت الآب. سنة نكون فيها ملموسين من الرب يسوع ومتحوّلين، بفعل محبته، لنصبح نحن أيضا شهودا للرحمة. هذا هو السبب لليوبيل: لأنه زمن الرحمة؛ الزمن المناسب لتضميد الجراح ولعدم الكلل من ملاقاةِ الذين ينتظرونَ رؤيةَ علاماتِ قُربِ الله ولمسها بيدهم، ولمنح سبيل الغفران والمصالحة للجميع، للجميع.
لتفتح أمُّ الرحمةِ الإلهيةِ عيونَنا، كي نُدرِكَ الالتزامَ الذي نحن مدعوّون إليه؛ ولتَنَلْ لنا نعمةَ عيشِ يوبيل الرحمة هذا بشهادةٍ مخلصة ومثمرة.
***************
© جميع الحقوق محفوظة 2015 - حاضرة الفاتيكان
Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana