رسالة قداسة البابا فرنسيس
بمناسبة الاحتفال
باليوم العالمي التاسع والأربعين للسلام 2016
تغلَّب على اللامبالاة واكسَب السلام
الأول من يناير / كانون الثاني 2016
1. الله ليس غير مبال! الله يكترث بالبشريّة، الله لن يتخلّى عنها! في بداية العام الجديد، أريد أن ترافق قناعتي العميقة هذه أمنيات البركات الوافرة والسلام، في علامة الرجاء من أجل مستقبل كل رجل وامرأة، كل عائلة وشعب وأُمّة في العالم، كما وأيضًا رؤساء الدول والحكومات والمسؤولين الدينيين. لا نفقِدنَّ الرجاء بأن العام 2016 سيرانا جميعًا ملتزمين بثبات وثقة، على مختلف المستويات، في تحقيق العدالة وصنع السلام. نعم، فالسلام عطية الله وعمل البشر. السلام هو عطيّة الله ولكنّه موكل لجميع الرجال والنساء الذين دعوا لتحقيقه.
حماية دوافع الرجاء
2. إن الحروب والأعمال الإرهابية، مع تبعاتها المأساويّة، خطف الأشخاص والاضطهادات لأسباب إثنيّة أو دينيّة وسوء استعمال السلطة قد طبعت العام الماضي من البداية حتى النهاية وتزايدت بشكل مؤلم في مناطق عديدة من العالم لدرجة أنَّها اتخذت ملامح ما يمكن تسميتها "حربًا عالمية ثالثة مُجزأة". لكن بعض أحداث السنوات الماضية والعام الذي انتهى لتوّه تدعوني، في منظار العام الجديد، لأجدِّد الدعوة لعدم فقدان الرجاء، بنعمة الله، في قدرة الإنسان على تخطّي الشرّ وعدم الاستسلام للقنوط واللامبالاة. إن الأحداث التي أشير إليها تشكل قدرة البشريّة على العمل في التضامن، أبعد من المصالح الفردانيّة والفتور واللامبالاة إزاء الأوضاع الحرجة.
من بين هذه الأحداث أريد أن أُذكِّر بالمجهود الذي تم القيام به لتشجيع لقاء القادة العالميين، في إطار المؤتمر حول التغيرات المناخية "COP 21" من أجل البحث عن سبُل جديدة لمواجهة التغييرات المناخيّة والحفاظ على رخاء الأرض، بيتنا المُشترك. وهذا الأمر يعيدنا إلى حدثين سابقين على مستوى عالمي: قمّة أديس أبابا لجمع إعتمادات من أجل تنمية العالم المستدامة؛ وتبنّي الأمم المتحدة لأجندة 2030 للتنمية المستدامة، والتي تهدف لتأمين حياة أكثر كرامة للجميع، لاسيما لسكان الأرض الفقراء خلال ذاك العام.
لقد شكلت الـ 2015 سنة مميّزة للكنيسة، لاسيما لأنها طُبعت بالذكرى الخمسين لصدور وثيقتين عن المجمع الفاتيكاني الثاني تعبِّران بشكل بليغ جدًا عن معنى تضامن الكنيسة مع العالم. لقد أراد البابا يوحنا الثالث والعشرون، في بداية المجمع، أن يُشرِّع نوافذ الكنيسة لكي يصبح التواصل بينها وبين العالم أكثر انفتاحًا. الوثيقتان "في عصرنا" و"فرح ورجاء" هما تعبيران رمزيّان للعلاقة الجديدة للحوار والتضامن والمرافقة التي أرادت الكنيسة أن تدخلها في البشريّة. في البيان "في عصرنا" دُعيَت الكنيسة للانفتاح على الحوار بواسطة العبارات الدينية غير المسيحيّة. في الدستور الرعائي "فرح ورجاء" وبما أن "آمالَ البشرِ وأفراحَهم، في زمننا هذا، أحزانَهم وضيقاتهم، لاسيما الفقراء منهم والمعذَّبين جميعاً، لهي أفراحُ تلاميذِ المسيح وآمالُهم، هي أحزانُهم وضيقاتهم"[1]، أرادت الكنيسة أن تقيم حوارًا مع العائلة البشريّة حول مشاكل العالم كعلامة للتضامن واحترامها وحبّها[2].
في هذا المنظار عينه، مع يوبيل الرحمة أريد أن أدعو الكنيسة للصلاة والعمل لكي ينمّي كل مسيحي قلبًا متواضعًا وشفوقًا، قادرًا على إعلان الرحمة والشهادة لها، قادر على "العفو والعطاء [...] والانفتاح على من يعيشون في أقاصي الضواحي والتي يخلقها غالبا العالم المعاصر بطريقة مأساوية [...] بدون الوقوع في فخ اللامبالاة التي تذل وفي الاعتياد الذي يخدّر النفس ويحول دون اكتشاف الحداثة من خلال التهكّم الذي يدمّر"[3].
هناك أسباب متعددة للإيمان بقدرة البشريّة على العمل معًا في التضامن والاعتراف بترابطها والاتكال المتبادل مع الحرص على الأعضاء الأشد هشاشة وحماية الخير العام. إن موقف المسؤولية التضامنيّة المشتركة هذا هو في أساس الدعوة الجوهريّة للأخوّة والحياة المشتركة. والكرامة والعلاقات بين الأشخاص تكوِّننا ككائنات بشريّة أرادها الله على صورته ومثاله. فككائنات تملك كرامة غير قابلة للتّصرف، إن وجودنا مرتبط بإخوتنا وأخواتنا الذين نملك مسؤولية تجاههم ومعهم نعمل بتضامن. خارج هذه العلاقة نجد أنفسنا أقلَّ إنسانيّة. ولهذا الأمر بالذات تشكّل اللامبالاة تهديدًا للعائلة البشريّة. وبينما نسير نحو عام جديد أريد أن أدعو الجميع للاعتراف بهذا الأمر، للتغلّب على اللامبالاة وكسب السلام.
بعض أشكال اللامبالاة
3. إن موقف اللامبالاة هو بالتأكيد موقف الذي يغلق قلبه كي لا يأخذ الآخرين في عين الاعتبار والذي يغلق عينيه كي لا يرى ما يحيط به أو يتنحّى كي لا تلمسه مشاكل الآخرين ويميّز نموذجيّة بشريّة منتشرة وحاضرة في كل مرحلة من التاريخ. لكن هذا الأمر قد تخطّى في أيامنا الإطار الفردي ليتّخذ بعدًا عالميًّا ويُسبّب ظاهرة "عولمة اللامبالاة".
إن أول أشكال اللامبالاة في المجتمع البشري هي اللامبالاة تجاه الله والتي منها تنبع اللامبالاة تجاه القريب والخليقة. إنها إحدى النتائج الخطيرة لأنسنة مزيّفة ولماديّة ممارسة، تمتزجان بفكر نسبيّ وعَدَمي. فالإنسان يعتقد بأنه صانع ذاته وصانع حياته والمجتمع؛ ويشعر بأنه مكتفٍ ولا يتطلّع فقط إلى أن يأخذ مكان الله وإنما لكي يستغني عنه بالكامل. ولذلك يعتقد أنه لا يدين لأحد بشيء إلا لنفسه ويدّعي بأنه يملك حقوقًا فقط[4]. ولمواجهة هذا الفهم الذاتي الخاطئ للشخص البشري، ذكّر بندكتُس السادس عشر بأنّ لا الإنسان ولا نموّه بإمكانهما أن يعطيا لنفسيهما معنى لوجودهما[5]. وقبله أكّد بولس السادس أنه "لن تكون أنسنةٌ حقيقيةٌ إلا المنفتحة على المطلق، مع الاعتراف بدعوة تعطي الفكرة الحقة عن الحياة الإنسانية"[6].
تأخذ اللامبالاة تجاه القريب وجوهًا متعدّدة. هناك من هو مُطّلع بشكل جيّد، يستمع إلى الراديو ويقرأ الصحف أو يشاهد برامج تلفزيونيّة ولكنه يقوم بذلك بطريقة فاترة وهو بحالة إدمان تقريبًا: هؤلاء الأشخاص يعرفون بشكل مبهم المآسي التي تضرب البشريّة لكنّهم لا يشعرون بأنها تطالهم ولا يعيشون الرأفة. هذا هو موقف الشخص الذي يعرف ولكنه يُبقي نظره وفكره وعمله موجّهين إلى نفسه. للأسف ينبغي علينا أن نلاحظ أن نموّ المعلومات، في زمننا بالذات، لا يعني بحدّ ذاته نمو الاهتمام بالمشاكل إن لم يترافق مع انفتاح الضمائر بمعنى تضامني[7]. وإنّما بإمكانه أن يتضمّن نوعًا من التشبُّع الذي يُخدِّر، وفي مقدار ما، يتعامل مع خطورة المشاكل بشكل نسبيّ. "ويكتفي البعض فقط باتّهام الفقراء والبلدان التي أفقرتها مصائبها، وبترويج تعميمات غير مناسبة، يدّعون أنهم وجدوا الحلّ بفرض "تربية" تُطمئن الفقراء وتحوّلهم إلى كائنات مروّضة وغير مؤذية. وما يزيد الأمر أيضًا إثارة وهيجانًا أن يرى المنبوذون نموَّ ذاك السرطان الاجتماعي المُتمثِّل بالفساد يتأصّل في العديد من البلدان، في الحكومات، في المصالح وفي المؤسسات، مهما كانت إيديولوجية الحكّام السياسيّة"[8].
في حالات أخرى تظهر اللامبالاة كنقص اهتمام تجاه الواقع الذي يحيط بنا وخصوصًا ذاك البعيد. يفضل بعض الأشخاص عدم البحث وعدم الاستعلام ويعيشون في رفاهيتهم وراحتهم الأصمّتين على صرخة ألم البشريّة المُعذّبة. وتقريبًا بدون أن نتنبّه أصبحنا غير قادرين على الشعور بالرأفة تجاه الآخرين ومأساتهم، ولا يهمُّنا الاعتناء بهم كما ولو أن كل شيء هو مسؤولية غريبة ليست من اختصاصنا[9]. "عندما نكون نحن بخير وعندما نشعر بالراحة، ننسى، بكلّ تأكيد، الآخرين (وهذا ما لا يفعله الله الآب أبدا)، لا نهتمّ لمشاكلهم، ولا لآلامهم ولا للمظالم الّتي يتحمّلونها... عندها يقع قلبنا في اللامبالاة: عندما أكون بخير وراحة نسبيّا، أنسى أمر الّذين ليسوا بخير"[10].
عندما نعيش في بيت مشترك لا يمكننا ألا نتساءل عن صحّته، كما حاولتُ أن أفعل في الرسالة العامة "كُن مُسبَّحًا". إنّ تلوث الماء والهواء والاستغلال العشوائي للغابات ودمار البيئة هي غالبًا ثمرة لامبالاة الإنسان تجاه الآخرين لأنّ كل شيء مرتبط ببعضه البعض. كما أن تصرّف الإنسان مع الحيوانات يؤثر أيضًا على علاقاته مع الآخرين[11]، ناهيك عن من يسمح لنفسه بأن يفعل في مكان آخر ما لا يجرؤ فعله في بيته[12].
في هذه الحالات كما في غيرها تسبّب اللامبالاة انغلاقًا وتهرّبًا من الالتزام فينتهي الأمر هكذا بالمساهمة في غياب السلام مع الله والقريب والخليقة.
السلام المُهدَّد من قبل اللامبالاة المعولمة
4. إن اللامبالاة تجاه الله تتخطّى النطاق الحميميّ والروحي للفرد وتضرب النطاق العام والاجتماعي. كما يؤكّد بندكتس السادس عشر: "هناك ارتباط وثيق بين تمجيد الله وسلام البشر على الأرض"[13]. في الواقع "بدون انفتاح متسامي، يصبح الإنسان فريسة سهلة للنسبيّة ويصعب عليه عندها أن يتصرّف بعدالة ويلتزم من أجل السلام"[14]. إن نسيان الله ورفضه، اللذين يحملان الإنسان على عدم الاعتراف بأيّة قاعدة فوقه وعلى جعل ذاته قاعدة لذاته، قد ولّدا قساوةً وعنفًا بدون قياس[15].
على المستوى الفردي والجماعي تأخذ اللامبالاة تجاه القريب، وليدة اللامبالاة تجاه الله، شكل الاستسلام والتهرّب من الالتزام اللذين يغذيان استمرار أوضاع الظلم وعدم التوازن الاجتماعي الخطير اللذين يمكنهما بدورهما أن يقودا إلى نزاعات أو، وفي أي حالة، أن يولّدا مناخ استياء قد يؤدّي، عاجلاً أم آجلاً، إلى عنف وعدم استقرار.
بهذا المعنى تشكل اللامبالاة والهروب من الالتزام الناتج عنها نقصًا خطيرًا بالواجب الذي ينبغي على كل شخص أن يساهم من خلاله، وعلى مقدار قدراته والدور الذي يلعبه في المجتمع، في الخير العام، ولاسيما في السلام الذي هو أحد الخيور الأكثر قيمة للبشريّة[16].
إن اللامبالاة تجاه الآخر وكرامته وحقوقه الأساسيّة وحريّته والمقرونة بثقافة مطبوعة بالربح واللذّة، عندما تشمل الصعيد المؤسساتي، تعزز وتُبرِّر تصرّفات وسياسات تشكل في النهاية تهديدًا للسلام. إن موقف اللامبالاة هذا بإمكانه أيضًا أن يقود إلى تبرير بعض السياسات الاقتصاديّة البائسة، التي تُنذِر بالظلم والانقسامات والعنف، في سبيل تحقيق الرفاهية الخاصة أو رفاهيّة الأمَّة. في الواقع، غالبًا ما تهدف المشاريع الاقتصاديّة والسياسية التي حققها البشر إلى كسب السلطة والغنى أو الحفاظ عليهما، حتى على حساب دوس حقوق الآخرين ومتطلباتهم الأساسيّة. عندما يرى السكان أنهم يُحرمون من حقوقهم الأساسيّة شأن الأكل والمياه والعناية الصحيّة أو العمل يحاولون عندها الحصول عليها بالقوّة[17].
إن اللامبالاة إزاء البيئة الطبيعية، وإذ تسبِّب بالتصحّر والتلوث والكوارث الطبيعيّة التي تقتلع جماعات بأسرها من بيئة حياتها وتجبرها على العيش في انعدام الاستقرار والأمن، تخلق أشكال فقر جديدة وأوضاع ظلم جديدة ذات تبعات غالبًا ما تكون محتّمة فيما يتعلّق بالأمن والسلم الاجتماعي. كم من الحروب قامت وستقوم بعد بسبب نقص الموارد أو للإجابة على طلب الموارد الطبيعية الذي لا يمكن إشباعه؟[18]
من اللامبالاة إلى الرحمة: ارتداد القلب
5. عندما قمت لسنة خلت، في رسالة اليوم العالمي للسلام "لا عبيد بعد الآن، بل أخوة"، باستحضار الصورة البيبلية الأولى للأخوّة البشرية، صورة قاين وهابيل (را. تك 4، 1-16)، فعلت ذلك لاستقطاب الاهتمام بشأن كيفية خيانة هذه الأخوة الأولى. قاين وهابيل أخوان. وُلدا كلاهما من الرحم إياه، إنهما متساويان في الكرامة ومخلوقان على صورة الله ومثاله؛ لكن الأخوة التي خُلقا بها انقطعت. "لم يكتف قاين بعدم احتمال أخيه بل قتله حسدا"[19]. فأصبح بذلك قتل الأخ شكلا من الخيانة، ورفضُ قاين لأخوّة هابيل صار الانقطاع الأول للعرى العائلية، عرى الأخوة والتعاضد والاحترام المتبادل.
تدخّل عندها الله ليدعو الإنسان إلى تحمّل مسؤولياته حيال مثيله، تماما كما فعل عندما قطع آدم وحواء، الوالدان الأولان، علاقة الشركة مع الخالق: "فقالَ الرَّبُّ لِقاين: "أَينَ هابيلُ أَخوك؟". قال: "لا أَعلَم. أَحارِسٌ لأَخي أَنا؟". فقال: "ماذا صَنَعتَ؟ إِنَّ صَوتَ دِماءِ أَخيكَ صارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرض!". (تك 4، 9-10).
قال قاين إنه لا يعرف ما حصل لأخيه، قال إنه ليس حارسا له. لم يشعر بأنه مسؤول عن حياته وعن مصيره. لم يشعر بأنه معني. إنه غير مبال حيال أخيه، مع أن مصدرا مشتركا يربط بينهما. يا للحزن! يا للمأساة الأخوية والعائلية والبشرية! هذا هو أول تعبير للامبالاة بين الأخوة. بيد أن الله ليس غير مبال: لدَمِ هابيل قيمة كبيرة في عينيه، وقد طلب إلى قاين أن يبرر فعلته. إن الله إذاً ظهر منذ بداية البشرية كمن يكترث بمصير الإنسان. وعندما رزح أبناء إسرائيل لاحقا تحت نير العبودية في مصر، تدخل الله مجددا. قال لموسى: "إِنّي قد رَأَيتُ مذَلَّةَ شَعْبي الَّذي بِمِصْر، وسَمِعتُ صُراخَه بسَبَبِ مُسَخِّريه، وعَلِمتُ بآلاَمِه، فنزَلتُ لأَنقِذَه مِن أَيدي المِصرِيِّين وأُصعِدَه مِن هذه الأَرضِ إِلى أَرضٍ طَيِّبةٍ واسِعة، إِلى أَرضٍ تَدُر لَبَناً حَليباً وعَسَلاً" (خر 3، 7-8). من الأهمية بمكان أن نلاحظ الأفعال التي ترافق تدخل الله: إنه يرى، يسمع، يعلم، ينزل وينقذ. الله ليس غير مبال. إنه متنبه ويعمل.
بالطريقة نفسها، نزل الله بين البشر، بواسطة ابنه يسوع، تجسد وأظهر تعاضده مع البشرية بكل شيء ما عدا الخطيئة. تماثل يسوع مع البشرية: "بكرا لأخوة كثيرين" (روم 8، 29). لم يكتف بتعليم الجموع، بل اكترث بأمرها خصوصا عندما رآها جائعة (را. مر 6، 34) أو عاطلة عن العمل (را. متى 20، 3). ولم تكن أنظاره موجهة فقط نحو البشر، بل أيضا نحو أسماك البحر، طيور السماء، النبات والأشجار، الصغيرة منها والكبيرة؛ عانق الخليقة بأسرها. لقد رأى بالطبع، لكنه لم يكتف بذلك، لأنه لامس الأشخاص، حدّثهم، عمل لصالحهم، وصنع الخير مع المحتاج. وترك نفسه أيضا يتأثر ويبكي (را. يو 11، 1-57). وتصرف ليضع حدا للألم والحزن والبؤس والموت.
يعلمنا يسوع أن نكون رحماء كالآب (را. لوقا 6، 36). في مثَل السامري الصالح (را. لو 10، 25-37) يدين التقاعس عن تقديم المساعدة إزاء الحاجة الطارئة لأمثالنا: "رآه وتابع السير" (را. لو 6، 31-32). في الوقت نفسه ومن خلال هذا المثل، يدعو المصغين إليه، لاسيما تلاميذه، إلى أن يتعلموا كيف يتوقفوا أمام آلام هذا العالم لتخفيفها، وأمام جراح الآخرين لتضميدها بالوسائل المتاحة، بدءا من تكريس الوقت على الرغم من الانشغالات الكثيرة. إن اللامبالاة في الواقع تبحث غالبا عن الأعذار: احترام المبادئ الطقسية، كمية الأمور الواجب فعلها، العداءات التي تبعدنا عن بعضنا البعض، الأحكام المسبقة على أنواعها التي تمنعنا من الاقتراب من الآخرين.
الرحمة هي قلب الله. لذا لا بد أن تكون أيضا قلب كل من يعتبرون أنفسهم أعضاء في العائلة البشرية الواحدة لأبنائه؛ قلب ينبض بقوة في كل مكان تكون فيه الكرامة البشرية ـ انعكاس وجه الله في مخلوقاته ـ على المحك. يحذرنا يسوع: إن المحبة حيال الآخرين ـ الغرباء، المرضى، الأسرى، المشردين وحتى الأعداء ـ هي المقياس الوحيد لدى الله ليحكم على أعمالنا. مصيرنا الأبدي يعتمد على هذا الأمر. لا نندهش إزاء دعوة بولس الرسول لمسيحيي رومة ليفرحوا مع الفرحين ويبكوا مع الباكين (را. رو 21- 15-21)، أو توصيته لمسيحيي كورنتس ليجمعوا التبرعات علامةً للتضامن مع الأعضاء المتألمين في الكنيسة (را. ۱ كور 16، 2-3). ويكتب القديس يوحنا: "من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق أحشاءه دون أخيه فكيف تقيم محبة الله فيه؟" (1 يو 3، 17؛ را. يع 2، 15-16).
لذا "إنه لأمر ضروري بالنسبة للكنيسة ومصداقية إعلانها أن تعيش الكنيسة الرحمة وتكون في طليعة الشاهدين لها. ينبغي أن يعكس خطابها وأعمالها الرحمة كي تدخل في قلوب الأشخاص وتحثهم على إعادة اكتشاف طريق العودة إلى الآب. الحقيقة الأولى للكنيسة هي محبة المسيح. إزاء البشر تجعل الكنيسة من نفسها خادمة ووسيطة لهذه المحبة التي تصل إلى حد المغفرة ووهب الذات. لذا حيث توجد الكنيسة يجب أن تتجلى رحمة الآب بوضوح. لا بد أن يجد أي شخص واحة من الرحمة في رعايانا، وجماعاتنا وجمعياتنا وحركاتنا، أي حيثما يوجد مسيحيون"[20].
هكذا إننا مدعوون نحن أيضا لأن نجعل من المحبة والرأفة والرحمة والتعاضد برنامج حياة حقا، ونمط تصرف في علاقاتنا مع بعضنا البعض[21]. هذا يتطلب ارتداد القلب: أي أن تحوّل نعمة الله قلبنا الحجري إلى قلب من لحم (را. حز 36، 26)، قادر على الانفتاح على الآخرين بتعاضد أصيل. هذا في الواقع هو أكثر من "الشعور بالرأفة المبهمة أو التحسس السطحي مع مآسي العديد من الأشخاص القريبين أو البعيدين"[22]. التعاضد "هو العزم الراسخ والمثابر على الالتزام لصالح الخير العام: أي لصالح الجميع وكل شخص كي يكون الكلُ مسؤولين حقا عن الكل"[23]، لأن الرأفة تنبع من الأخوّة.
إن التعاضد، بمفهومه هذا، يشكل الموقف الخلقي والاجتماعي الذي يتجاوب بشكل أفضل مع إدراك آفات زماننا والاتكال المتبادل الراهن، والتي لا يمكن نكرانها خصوصا في عالم معولم، بين حياة الفرد وجماعته في مكان معيّن وحياة الرجال والنساء الآخرين في باقي أنحاء العالم[24].
تعزيز ثقافة التضامن والرأفة للتغلب على اللامبالاة
6. يتطلب التضامن، كفضيلة خلقية وموقف اجتماعي ثمرة الارتداد الشخصي، التزاما من قبل تعددية الأطراف التي لديها مسؤوليات تربوية وتأسيسية الطابع.
يتجه فكري في المقام الأول إلى العائلات، المدعوة إلى رسالة تربوية أولية وحتمية. إنها تشكل المكان الأول حيث تُعاش وتُنقل قيم المحبة والأخوة والتعايش والمقاسمة والاهتمام والاعتناء بالآخر. إنها أيضا البيئة المميّزة لنقل الإيمان، بدءا من أولى بوادر التقوى البسيطة التي تعلمها الأمهات لأبنائهن[25].
فيما يتعلق بالمربين والمنشّئين في المدارس ومختلف المراكز التي تجمع الأطفال والشباب، والذين لديهم واجب تربية الأطفال والشبان، فإنهم مدعوون لأن يُدركوا أن مسؤوليتهم تتعلق بالأبعاد الخلقية والروحية والاجتماعية للشخص. إن قيم الحرية والاحترام المتبادل والتضامن يمكن نقلها منذ سني الطفولة الأولى. في خطابه إلى المسؤولين عن المؤسسات التي تتمتع بمسؤوليات تربوية، أكد بندكتس السادس عشر أن "كل بيئة تربوية يمكن أن تكون فسحة للانفتاح على المتسامي والآخرين؛ مكانا للحوار والتآزر والإصغاء، يشعر فيه الشاب بقيمة قدراته وغناه الداخلي، ويتعلم كيف يقدّر الأخوة. يتعلم كيف يتذوق الفرح النابع من العيش اليومي للمحبة والرأفة حيال القريب ومن المشاركة الفاعلة في بناء مجتمع أكثر إنسانية وأخوّة"[26].
للعاملين في حقل الثقافة ووسائل الاتصالات الاجتماعية مسؤوليةٌ في مجال التربية والتنشئة، خصوصا في المجتمعات المعاصرة، حيث تتسع إمكانية الدخول إلى وسائل الإعلام والاتصالات. يتمثّل واجبهم قبل كل شيء بأن يضعوا أنفسهم في خدمة الحقيقة لا المصالح الخاصة. وسائل الاتصالات، في الواقع، "لا تُعلِم وحسب إنما تنشّئ أيضا روح من تتوجه إليهم، ويمكنها بالتالي أن تقدم إسهاما هاما في تربية الشبيبة. لا بد أن ندرك أن الرابط بين التربية والاتصالات وطيد جدا: التربية تتم في الواقع بواسطة الاتصالات، التي تؤثر إيجابا أو سلبا على تنشئة الشخص"[27]. على العاملين في الحقل الثقافي والإعلامي أن يتأكدوا على الدوام من الشرعية القانونية والخلقية للطريقة التي تُنشر من خلالها المعلومات.
السلام: ثمرة ثقافة التضامن والرحمة والرأفة
7. إننا وإذ ندرك التهديد الذي تمثّله عولمة اللامبالاة، لا يمكننا إلاّ أن نعترف بأنّ في الإطار المذكور أعلاه، تندرج أيضا مبادرات عديدة وأعمال إيجابية تشهد على الرأفة والرحمة والتضامن والتي يستطيع الإنسان القيام بها. أودّ التذكير ببعض أمثلة التزامٍ جدير بالثناء، تُظهر كيف يستطيع كل واحد التغلّب على اللامبالاة حينما يختار ألاّ يحوّل نظره عن قريبه، وتشكل أعمالاً صالحة في المسيرة نحو مجتمع أكثر إنسانية.
هناك العديد من المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية، داخل الكنيسة وخارجها، يواجه أعضاؤها عند حدوث أوبئة وكوارث أو نزاعات مسلحة، مصاعب ومخاطر من أجل الاعتناء بالجرحى والمرضى ودفن الموتى. وإلى جانبهم، أودّ أن أَذكُر الأشخاص والجمعيات الذين يقدّمون العون للمهاجرين الذين يجتازون الصحاري ويعبرون البحار بحثًا عن أوضاع حياتية أفضل. إن هذه الأعمال هي أعمال رحمة جسدية وروحية سنُحاسب عليها في نهاية حياتنا.
يتّجه فكري أيضا نحو الصحافيين والمصوّرين الذين يُعلِمون الرأي العام بالأوضاع الصعبة التي تحاكي الضمائر، ونحو الذين يلتزمون بالدفاع عن حقوق الإنسان، ولاسيما حقوق الأقليات العرقية والدينية، والشعوب الأصلية، والنساء والأطفال، وجميع الذين يعيشون في أكثر الأوضاع هشاشة. ومن بينهم أيضا العديد من الكهنة والمرسلين الذين، وكرعاة صالحين، يبقون إلى جانب مؤمنيهم ويساعدونهم على الرغم من المخاطر والمصاعب، ولاسيما خلال النزاعات المسلحة.
كم من العائلات أيضا، ووسط العديد من المصاعب المرتبطة بالعمل وتلك الاجتماعية، تلتزم بشكل ملموس بتربية أبنائها "عكس التيار"، ومن خلال تضحيات جمة، على قيم التضامن والرأفة والأخوّة! كم من العائلات تفتح قلوبها وبيوتها للمحتاج، كاللاجئين والمهاجرين! أودّ أن أشكر بنوع خاص جميع الأشخاص والعائلات والرعايا والجماعات الرهبانية والأديار والمزارات الذين لبّوا بسرعة ندائي من أجل استقبال عائلة من اللاجئين[28].
وأخيرًا، أودّ أن أَذكُر الشباب الذين يتّحدون للقيام بمشاريع تضامن، وجميع الذين يمدّون أياديهم لمساعدة القريب المحتاج في مدنهم، وبلدهم أو في مناطق أخرى من العالم. أودّ أن أشكر وأشجع جميع الذين يلتزمون بأعمال من هذا النوع، حتى وإن لم يتمّ الإعلان عنها: فإن جوعهم وعطشهم إلى البِرّ سوف يُشبع، ورحمتهم ستجعلهم يجدون الرحمة، وكفاعلي سلام سيُدعون أبناء الله (را. متى 6، 5-9).
السلام في علامة يوبيل الرحمة
8. في روح يوبيل الرحمة، يُدعى كل واحد لمعرفة كيف تظهر اللامبالاة في حياته، ولتبنّي التزام ملموس للإسهام في تحسين الواقع الذي يعيش فيه، بدءا من عائلته، والجيران أو بيئة العمل.
كما أن الدول مدعوة لأفعال ملموسة وأعمال شجاعة إزاء الأشخاص الأكثر ضعفًا في مجتمعاتها، كالمساجين والمهاجرين والعاطلين عن العمل والمرضى.
وفيما يتعلق بالمساجين، يبدو ملحًا في حالات كثيرة اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين أوضاعهم الحياتية في السجون، مع إيلاء اهتمام خاص بأولئك المحرومين من الحرية في انتظار الحُكم[29]، وتذكُّر الغاية التأهيلية للعقوبة الجنائية وتقييم إمكانية إدخال عقوبات بديلة عن السجن في التشريعات الوطنية. وفي هذا الإطار، أرغب في تجديد النداء إلى سلطات الدول من أجل إلغاء عقوبة الإعدام حيث لا تزال سارية المفعول، والنظر في إمكانية العفو.
وفيما يتعلق بالمهاجرين، أودّ توجيه نداء لإعادة التفكير في التشريعات حول الهجرات كي تحرّكها إرادة الاستقبال، في احترام الواجبات والمسؤوليات المتبادلة، وتتمكن من تسهيل اندماج المهاجرين. ومن هذا المنظار، ينبغي إيلاء اهتمام خاص بأوضاع إقامة المهاجرين، مع التذكّر بأن العيش في الخفاء يهدد بجرّهم إلى الجريمة.
أرغب أيضا في هذه السنة اليوبيلية، بتوجيه نداء ملح إلى مسؤولي الدول للقيام بأفعال ملموسة لصالح إخوتنا وأخواتنا الذين يعانون من عدم توفّر العمل والأرض والمسكن. أفكّر في خلق أماكن عمل لائق لمواجهة البطالة، هذه الآفة الاجتماعية التي يعاني منها عدد كبير من العائلات والشباب، ولها تبعات خطيرة على تماسك المجتمع بأسره. إن غياب العمل يسيء بقوة إلى معنى الكرامة والرجاء، ويمكن التعويض عنه جزئيًا فقط بالإعانات التي هي ضرورية، والموجّهة للعاطلين عن العمل وعائلاتهم. وينبغي إيلاء اهتمام خاص بالنساء اللاتي ـ وللأسف لا يزلن يواجهن التمييز في حقل العمل ـ وبعض فئات العمال الذين أوضاعهم هي غير مستقرة أو خطرة ولا تتلاءم أجورهم مع أهمية رسالتهم الاجتماعية.
وفي الختام، أودّ أن أدعو للقيام بأعمال فعّالة لتحسين الأوضاع الحياتية للمرضى من خلال ضمان حصول الجميع على العلاجات الطبيّة والأدوية الأساسية للحياة، إضافة إلى إمكانية الرعاية المنزلية.
وبتوجيه النظر أبعد من الحدود الخاصة، إن مسؤولي الدول مدعوون أيضا لتجديد علاقاتهم مع باقي الشعوب، متيحين للجميع مشاركة فعليّة وانخراطًا في حياة المجتمع الدولي، كي تتحقق الأخوّة أيضا داخل عائلة الأُمم.
ومن هذا المنظار، أرغب في توجيه نداء ثلاثيّ من أجل الامتناع عن جرّ الشعوب الأخرى إلى نزاعات أو حروب لا تدمّر ثرواتها المادية والثقافية والاجتماعية فقط وإنما أيضا ـ ولفترة طويلة ـ الاستقامة الأخلاقية والروحية؛ ولإلغاء أو الإدارة المستدامة للديون الدولية للدول الأكثر فقرا؛ ولتبنّي سياسات تعاون بدلا من أن ترضخ لديكتاتورية بعض الإيديولوجيات، تحترم قيم السكان المحليين، ولا تسيء، وفي أيّ حال، إلى الحق الأساسي في الحياة وغير القابل للتصرف للذين لم يولدوا بعد.
أكل هذه التأملات، مع أفضل الأمنيات للعام الجديد، إلى شفاعة مريم الكلية القداسة، الأم المتنبِّهة لاحتياجات البشرية، كي تنال لنا من ابنها يسوع، أمير السلام، استجابة تضرعاتنا ومباركة التزامنا اليومي من أجل عالم أخويّ ومتضامن.
الفاتيكان، 8 ديسمبر / كانون الأول 2015
عيد الحبل بلا دنس
افتتاح اليوبيل الاستثنائي "يوبيل الرحمة"
FRANCISCUS
[1] المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الرعائي في الكنيسة في عالم اليوم "فرح ورجاء"، عدد 1.
[2] راجع المرجع نفسه، عدد 3.
[3] مرسوم إعلان اليوبيل الاستثنائي للرحمة، وجه الرحمة، عدد 14-15.
[4] راجع بندكتس السادس عشر، الرسالة العامة "المحبّة في الحقيقة"، عدد 43.
[5] المرجع نفسه، عدد 16.
[6] الرسالة العامة "ترقّي الشعوب"، عدد 42.
[7] "إن المجتمع الآخذَ أَكثر فأَكثر في العولمة يقرّبنا بعضنا من بعض، لكنه لا يجعلنا إخوة. العقلُ، بمفرده، قادرٌ على أن يفهم المساواةَ بين البشر وأَن يرسيَ قواعد جماعةِ حياةٍ مدنيّة، لكنه لن يتوصّل إِلى خَلق الأُخوّة." (بندكتس السادس عشر، الرسالة العامة "المحبّة في الحقيقة"، عدد 19).
[8] الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل"، عدد 60.
[9] راجع المرجع نفسه، عدد 54.
[11] راجع الرسالة العامة "كُن مُسبَّحًا"، عدد 92.
[12] راجع المرجع نفسه، عدد 51.
[13] كلمة البابا لأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي في مناسبة تبادل التهاني لمناسبة حلول العام الجديد، 7 يناير /كانون الثاني، 2013.
[14] المرجع نفسه.
[15] راجع بندكتس السادس عشر، مداخلة خلال يوم التأمل والحوار والصلاة من أجل السلام والعدالة في العالم، أسيزي، 27 أكتوبر / تشرين الأول، 2011.
[16] راجع الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل"، عدد 217 - 237.
[17] "لكن طالما لا يُلغى الإقصاء الاجتماعي والتفاوت الاجتماعي في المجتمع وبين الشعوب المختلفة، فلن يكون استئصال العنف ممكنًا. يُتّهم الفقراء والشعوب الأشد فقرًا بالعنف؛ ولكن، من دون تساو في الحظوظ ستجد الأشكال المختلفة من الاعتداءات والحروب أرضًا خصبة ستتسببعاجلاً أم آجلاً بالانفجار. عندما يترك المجتمع – المحلّي والوطني أو العالمي – في الضواحي جزءًا من ذاته، فلن يكون هناك برامج سياسيّة أو قوات أمن أو دوائر استخبارات سريّة بإمكانها أن تؤمن الهدوء لفترة غير محدودة. فهذا الأمر لا يحدث فقط لأن التفاوت الاجتماعي يسبب ردّة فعل عنيفة للذين يقصيهم النظام، وإنما لأن النظام الاجتماعي والاقتصادي هو غير عادل في أساسه. وكما أن الخير يتوق للتواصل كذلك الشرّ في الذي يقبله، أي أن الظلم يتوق إلى نشر قوّته المؤذية وتدمير أساسات كل نظام سياسي واجتماعي سّرًا مهما بدا صلبًا" (الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل"، عدد 59).
[18] راجع الرسالة العامة "كُن مُسبَّحًا"، عدد 31؛ 48.
[20] مرسوم الدعوة إلى اليوبيل الاستثنائي للرحمة "وجه الرحمة"، عدد 12.
[21] را. المرجع نفسه، عدد 13.
[22] يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة: الاهتمام بالشأن الاجتماعي، عدد 38.
[23] المرجع نفسه.
[24] المرجع نفسه.
[26] رسالة اليوم العالمي للسلام 2012، عدد 2.
[27] المرجع نفسه.
[29] را. خطاب إلى وفد الجمعية الدولية للقانون الجنائي، 23 أكتوبر / تشرين الأول 2014.
Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana