حديث قداسة البابا فرنسيس
مع الكهنة والإكليريكيّين الدارسين في روما
يوم الإثنين 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2022
في قاعة بولس السّادس
___________________________________
السّادة الكرادلة، والأساقفة، والكهنة!
أوّلًا، أعتذر عن التأخير: أعتذر حقًا. لكن المشكلة أنّه كان يومًا صعبًا. كانت فيه زيارات، رئيسا جمهورية... لذلك هذا التأخير. وأعرف أنّ هذه ساعة ليس من السّهل الانتظار فيها، لأنّه في مثل هذه السّاعة تبدأ المعدة بالتحرك... لنبدأ إذن.
لمّا دخلت رأيت: هذا حضور حافل للإكليروس! لأنّكم كثيرون، كثيرون من الكهنة معًا. هذا من دواعي سروري. لنبدأ.
سؤال
أيّها الأب الأقدس، أودّ أن أطلب مشورة بشأن الإرشاد الرّوحي للكهنة الشّباب. من السّهل على الكهنة أن يكونوا مرشدين روحيّين للعلمانيّين والراهبات والذين ما زالوا في طور التنشئة. لكن، في رأيي، من الصّعب على الكهنة السّعي للحصول على إرشاد روحيّ من زملائهم الآخرين. ما هي نصيحتك للكهنة، ولا سيّما الشّباب منهم، أين يطلبون المساعدة الرّوحيّة لتنشئتهم؟ شكرًا.
البابا فرنسيس
أوّلًا أشكركم على اهتمامكم. لقد أعددتم مئتين وخمسة أسئلة! إن كان لدينا وقت، سأجيب على عشرة منها، لأنّها كثيرة جدًا!
شكرًا دومينيك. مشكلة الإرشاد الرّوحيّ - اليوم يستخدم مصطلح فيه إرشاد أقل، ”المرافقة“ الرّوحيّة، ويعجبني -. هل الإرشاد الرّوحيّ والمرافقة الرّوحيّة إجباري؟ لا، هذا ليس إلزاميًا، ولكن إن لم يكن لك من يساعدك في السّير، قد تقع، وستُحدِث ضوضاء. من المهمّ أحيانًا أن يرافقني أحد يعرف حياتي، وليس من الضّروري أن يكون الكاهن المعرّف. يمكن أن يكون هو. ولكن مهمَّة كلّ واحد تختلف. تذهب إلى الكاهن المعرّف لطلب مغفرة خطاياك، وتحضّر نفسك لذلك. وتذهب إلى المرشد الرّوحيّ لتحدِّثه عمّا يحدث في قلبك، الحركات الرّوحيّة، والأفراح، والغضب، وما يحدث في داخلك. إن كانت علاقتك مع الكاهن المعرّف فقط وليس مع المرشد الرّوحيّ، فلن تعرف كيف تنمو، سيكون هناك أمرًا خاطئًا. وإن كانت العلاقة مع المرشد الرّوحيّ فقط، أو المرافق، ولم تذهب للاعتراف بخطاياك، هذا أيضًا خطأ. مهمّتان مختلفتان. في مدارس الرّوحانيات، اليسوعيّة على سبيل المثال، يقول القدّيس أغناطيوس إنّه من الأفضل التّمييز بينهما، أحدهما هو الكاهن المعرّف والآخر هو المرشد الرّوحيّ. قد يكون الشّخص واحدًا أحيانًا، لكنّهما أمران مختلفان.
ثانيًا، الإرشاد الرّوحيّ ليس موهبة كهنوتيّة، إنّه موهبة معموديّة. الكهنة الذين يقومون بالإرشاد يقومون بذلك ليس لأنّهم كهنة، بل لأنّهم أناس علمانيّون ومُعمدون. أعلَم أنّ هناك بعضًا من أعضاء الكوريا الرّومانيّة، وربّما البعض منكم، يسترشدون عند راهبة جيّدة، تعلِّم في الجامعة الغريغوريانا (Gregoriana). إنّها جيّدة وهي المرشدة الرّوحيّة. اذهب، لا مشكلة. إنّها امرأة ذات حكمة روحيّة تعرف كيف ترشد. قد يكون في بعض الحركات رجل علماني حكيم، أو امرأة علمانيّة حكيمة. أقول هذا لأنّ الإرشاد ليس موهبة كهنوتيّة. قد يكون المرشد كاهنًا، لكن، ليس من الضّروريّ أن يكون من الكهنة فقط. وليكون المرشد مرشدًا روحيًا، فهو بحاجة إلى مسحة خاصة. لهذا السبب، أجيب على سؤالك: أوّلًا، وقبل كل شيء، يجب أن يكون لك مرشد أو مرافق، دائمًا. الشّخص غير المرافَق في الحياة، تتولد في نفسه ”فطريات“ مزعجة. تسبب الأمراض، الوَحدة السيئة، وأشياء كثيرة رديئة. أنا أحتاج إلى مرافق. لتوضيح الأشياء. للبحث في المشاعر الرّوحيّة، ليساعدني أحدٌ حتّى أفهمها، ماذا يريد الرّبّ يسوع مني في هذه الحال، وأين التجربة هنا... وجدت بعض طلاب اللاهوت الذين لا يعرفون أن يميّزوا بين النعمة والتّجربة. أنا بحاجة إلى شخص يرافقني. ليس ضروريًا أن تذهب إلى المرشد كلّ أسبوع. لا، اذهب إلى المرشد الرّوحيّ مرّة في الشّهر، أو كلّ شهرين، عندما يكون لديك مادة للحديث فيها معه أو معها. لكن يجب أن تكون هذه الأمور واضحة.
كيف تجد مرشدًا؟ كن حذرًا. قد ترى شخصًا يجذبك بطريقة حديثه، أو سمعت عنه من البعض... ابحث عن المرشد الرّوحيّ، لكن وفقًا لما قلتُه لك، أعتقد هذا مهمّ: التّمييز بين الكاهن المعرّف والمرشد. مهمّتان مختلفتان. إنّها موهبة علمانيّة، لكن يمكن أن يقوم بها كاهن، أو أسقف، أو امرأة، أو رجل علماني. ابحث عن الشّخص الذي يبعث فيك الثّقة، والانسجام الرّوحيّ. هذا مهمّ جدًّا. أنت تفهم جيّدًا ما يعنيه هذا الانسجام الذي يساعد كثيرًا.
لا أعرف هل أجبت. إنّه شيء مهمّ. ما أقوله الآن يخدم على الأقل حتّى لا يكون أيّ منكم من الآن فصاعدًا بدون مرافقة روحيّة أو إرشاد روحيّ. من دون إرشاد، لن يكون النمُوُّ سليمًا. أقول هذا عن خبرة. حسنًا؟ واضح للجميع؟ حسنًا. لنتابع.
سؤال
أيّها الأب الأقدس، هل يمكنك أن تساعدنا كيف يمكن أن نكون في خدمتنا جسورًا بين عالم الإيمان وعالم العِلم؟ ما هي النصيحة العمليّة التي يمكن أن تعطينا إياها نحن الذين نتحمّل، في عملنا الرّعوي، مسؤوليّة القيام بالحوار بين هذين المجالَين، وبالتأكيد ليس بالمعارضة. شكرًا.
البابا فرنسيس
من المهمّ عدم إنكار دور العِلم، العِلم الذي يتقدّم، العِلم الذي يقوم بأبحاث. هذا مهمّ. ومهمّ جدًّا. والأشخاص الذين يدرسون، ولو لم يكونوا باحثين بحكم الوظيفة، كلّ شخص، فكِّرْ في طلاب الجامعة، يجب أن نكون جميعًا منفتحين على قلق الطلاب الدارسين. أوّلًا، أودّ أن أقول: الإصغاء، الانفتاح على المشاكل. إن سِرنا على درب المشاكل، قد تسأل نفسك: كيف يمكنني ذلك؟ اسأل نفسك ذلك عدة مرات. ولا تلجأ إلى الإجابات التي كانت تُستَخدَم يومًا، في الكتب التي أعِدَّت للإجابة على كلّ الصّعوبات التي تواجه الكنيسة، ضد الإيمان. هذه إجابات غير مجدية، إنّها نظريّة فقط، ولا يمكننا تقديمها كإجابات على مستوى طالب جامعي يدرس في هذا التخصّص. يجب أن نعطي إجابة على المستوى، تليق بالإنسان، وأعتقد أن هذا مهمّ جدًّا: النظر بآفاق واسعة جدًّا، واسعة... ويمكن أن تقول: ”لا أعرف. لكن فكِّرْ في الأمر... هذا هو إعلان الإيمان. لهذا الموضوع هذه الآفاق الواسعة، انظر... “. افتح دائمًا وأرشِد... ويمكنك أيضا أن تقول: ”أنا لا أعرف كيف أجيب، لكن اذهب وابحث عن شخص، عن رجل، امرأة، كاهن، متخصِّص في هذا، يمكنه أن يشرح لك“. لا تغلق الباب أبدًا. لا تغلقه أبدًا. حتّى لو جاؤوك بقضايا تشعر أنّها لا تتفق مع الأخلاق. إن كنت تستطيع الإجابة، أجب. إن لم تستطع الإجابة، ابحث عن شخص يمكنه أن يجيب، وقل: ”في هذا يمكنك أن تتحدّث مع هذا، أو مع ذلك“. ولكن كن دائمًا منفتحًا، دائمًا منفتحًا. لأن الموقف الدفاعي يغلق الحوار ويغلق الباب. افتح وقل: ”نعم، هذا مثير للاهتمام...“.
يمكننا الإجابة على معظم الأشياء لأنّنا نعرفها. أعطيك نصيحة: عندما يأتي طلاب من قبل الجامعة ولديهم شكّ قي بعض الأمور، على سبيل المثال، الطلاب - ربما يكون هذا هو قطاع العمل الأكبر -، إن أمكنك الأمر، أجب بشكّ وسؤال آخر، وهكذا أنت تنتبه، وبنفس التوجُّه الذي يأتيك به، تتوجَّه أنت به إليه، فيهتز يقينه بعض الشيء. ”تسألني هذا، حسنًا، ولكن أنت كيف ترى هذا؟“. هذا، كان يسوع يفعله كثيرًا، كما نرى في الإنجيل. على سؤال فيه مكر، كان يسوع يجيب بسؤال آخر، ويترك المحاور في منتصف الطّريق في فكره. من المهمّ الرد بهذه الطريقة، أو، إن لم يكن ذلك ممكنًا، وجِّه السائل إلى شخص يمكنه الرد على سؤاله العلميّ، لا سيّما على الجانب الذي يبدو أنّه يتعارض مع الإيمان والذي ربما لا أستطيع الإجابة عليه. في معظم الحالات، أعتقد أنّه يمكن الإجابة. لكن - هذه نصيحة لكم دائمًا - لا تُجِبْ ”في الهواء“: ”أنا أجيب عليك، أنت الذي تسألني هذا السّؤال. إن كنت أنت يصعب عليك هذا السّؤال، فأنا أقول لك هذا“. يسوع كان يعمل ذلك. على سبيل المثال، عندما كان يشفى يوم السبت، كان يقول: ”وأنت، ألّا تقود بقرتك لتسقيها، يوم السبت؟“ (راجع لوقا 13، 15). كان يظهر للمعترض التناقض في السّؤال نفسه. عندما تكون المواضيع علميّة جادة، تفوق قدرتنا، قُلْ ما نستطيع، أو قل إنّك لا تعرف. قل: ”في هذا يجب أن تسأل شخصًا يفهم أكثر مني في هذا المجال“. كن متواضعًا، وكن مؤمنًا، ولا تدَّعِ أنّ لديك الجواب على كلّ شيء. الطّريقة القديمة للدفاع عن الإيمان لم تَعُدْ مجدية، إنّها طريقة عفا عليها الزمن. الإيمان، نعمة الإيمان بيسوع المسيح هو أن نكون في مسيرة. ويجب أن يفهم الآخر أنّك في مسيرة، وأن ليس لديك الجواب على كلّ سؤال. كان زمن كان فيه علم اللاهوت الدفاعي شائعًا، وكانت هناك كتب فيها أسئلة وأجوبة للدفاع. عندما كنت صغيرًا، كانت هذه هي طريقة الدفاع عن الإيمان. كان هناك أجوبة بعضها جيّد، وبعضها من النوع ”أرأيت؟ أجبتك، وفزت“. كلا، هذه الطريقة ليست جيّدة. الحوار مع العِلم مفتوح دائمًا. ويجب أن نعرف أن نقول: لا أعرف، ولا أقدر أن أشرح لك. يجب أن تذهب إلى العلماء، إلى هؤلاء الأشخاص الذين ربما يساعدونك. ويجب التخلّص من القول: إنّ الدين والعِلم متناقضان. هذه روح سيّئة، ليست الرّوح الحقيقيّة للتقدّم البشريّ. التّقدّم البشريّ يتقدّم بالعِلم ويحافظ أيضًا على الإيمان.
سؤال
العزيز البابا فرنسيس، في وقت الاستعداد هذا في روما، كيف يمكننا أن نعيش خدمتنا دون أن نفقد ”رائحة الخراف“ الخاصّة بخدمتنا الكهنوتيّة؟ شكرًا.
البابا فرنسيس
الدارسون منكم، أو العاملون في الكوريا الرّومانيّة أو لديهم بعض الوظائف، ليس جيّدًا، ولا هو صحيّ روحيًّا، ألّا يكون لكم اتصال بشعب الله المقدّس، اتصال كهنوتي. لهذا، أنصح، بل أقول لرؤساء الدوائر أن ينظروا هل هناك أحدٌ لا يقوم بالخدمة في أيام السّبت والأحد، في الرعية أو في أي مكان، لينبِّهوه، ليقوم بالخدمة. وإن لم يقم بالخدمة، يجب الحذر، وليكلموه في الأمر. من المهمّ أن تحافظ على الاتصال بالناس، بشعب الله الأمين، لأنّ له مسحة خاصّة: إنّهم الخراف، وكما تقول، يمكن أن تفقد رائحة الخراف. إن ابتعدت عنهم، ستكون منظّرًا، ولاهوتيًا جيّدًا، وفيلسوفًا جيّدًا، وموظفًا جيّدًا جدًا تعمل كلّ شيء، لكنّك فقدت القدرة على شم رائحة الغنم. بل تكون نفسك قد فقدت القدرة على أن تتنبّه لرائحة الخراف. لهذا أعتقد أنّه من المهمّ، بل من الضّروري، بل هو إلزام، أن يكون لكلّ واحد منكم خبرة رعويّة أسبوعيّة على الأقل. في رعيّة، في دار للبنين أو البنات، أو للمسنين، مهما كان، ولكن التّواصل مع شعب الله. وأقول لرؤساء الدوائر: انظروا هل هناك من لا يقوم بذلك: لا ليعاقبوه، بل ليكلّموه في الأمر، لأنّه مهمّ، فهو يفقد قوّة كبيرة، قوّة كبيرة في الحياة الكهنوتيّة.
يسرّني أن يتحدّثوا مع الكهنة عن ”طرق التّقارب الأربعة“. القرب من الله: هل تصلّي؟ القرب من الأسقف: ما مدى قربك من الأسقف؟ هل أنت من الذين يثرثرون على الأسقف أم شعارك: ”أبعد قدر ما تستطيع؟“ أم أنّك قريب من الأسقف وتذهب لمناقشة الأمور معه؟ ثالثًا: القرب بينكم. إنّه أمر ملفت للنظر. إنّه أحد الأمور الموجودة في المعاهد الإكليريكيّة وفي الكهنة: وهو عدم التّقارب الأخويّ الحقيقيّ بين الكهنة. نَعم، كلّهم، بابتسامة عريضة، لكنّهم بعد ذلك يذهبون في مجموعات صغيرة ”ليفندوا“ عيوب بعضهم البعض. هذا ليس تقاربًا، هذا نقص في الأخوّة. والرابع: القرب من شعب الله، إن لم يكن هناك قرب من شعب الله، فأنت لست كاهنًا صالحًا. وهذا القرب يُغذَّى ويحافَظ عليه بالخدمة الرّعويّة الأسبوعيّة، في هذه الحالة.
سؤال
صباح الخير، أيّها الأب الأقدس. الكاهن هو علامة محبّة الله للبشر. ومع ذلك، للأسف، هذه العلامة تبدو مشوَّهة في كثير من الأحيان بسبب نقائصنا. صاحب القداسة، كيف نجد التّوازن بين طلب الرّحمة من الله لتقصيرنا، وبين الجهد الذي يجب أن نبذله لعيش الفضيلة والوصول إلى القداسة؟ ما هي في رأيك الجوانب المُلِحّة، التي يجب أخذها بعين الاعتبار والتّركيز عليها، في مراحل التّنشئة في المعاهد الإكليريكيّة اليوم، ولكن أيضًا غدًا، لكي يتمكن الكاهن من الاستجابة لدعوة الله؟
البابا فرنسيس
شكرًا. هناك شيئان مختلفان في ما قلتَه. أوّلًا استخدمت كلمة لا أحبّها - لا ألومك، لقد استخدمتها، لكني لا أحبّها -: كلمة ”توازن“. الحياة ليست توازنًا، أيّها الأعزاء، إنّها ليست توازنًا. وإن وجدت شخصًا يفكّر: ”أنا في توازن كامل“، أقول له: أنت لا شيء! لأنّ التّوازن هو الذي يصنعه اللاعب في السيرك. هو يفعل ذلك، يعمل هو تلك الأشياء، هو يصنع التّوازن. لكن الحياة هي عدم توازن مستمّر، لأنّ الحياة هي أن تسير وأن تجد، وأن تجد صعوبات. تجد أشياء جميلة تدفعك إلى الأمام، وهذه دائمًا تؤدّي إلى عدم توازن فيك. في الواقع، إذا كان لديك بعض الأعمال التي يجب أن تقوم بها، هذا صحيح، أنت بحاجة إلى توازن للقيام بها. لكن يجب ألّا يغيب أيضًا التّوازن العاطفي، إذا جاز التّعبير. وهذا يضعك على جانب أو آخر، فتقول: ”أنا أشعر أني على هذا الجانب“. لكن التّوازن في الحياة هو أيضًا التّوازن مع تجربة مغفرة الخطيئة والرّحمة. ولنشكر الله لأنّنا خطأة، يا عزيزي، لنشكر الله لأنّنا بحاجة للذهاب كلّ أسبوع أو كلّ خمسة عشر يومًا – أنا أفعل ذلك كلّ أسبوعين - إلى الكاهن المعرِّف ليغفر لنا. وهذا عدم توازن كبير لأنّه يقودك إلى التّواضع. الحياة المسيحيّة هي مسيرة مستمّرة وسقوط ونهوض. نسير قليلًا وحدنا، وقليلًا مع الآخرين: لا يوجد جدول زمنيّ. بالطبع، في السّيارة، تضع الملاح الآلي وتذهب. لكن، هنا نصائح للصلاة، وأشياء تساعدك على النمو. هذا هو عدم التّوازن. بل أقول العكس: كيف نعيش مع عدم التّوازن، مع عدم التّوازن اليومي؟ لا تخافوا من عدم التّوازن: نحن بشر. وفي عدم التّوازن، ميّزوا. شخص متوازن لا يستطيع أن يميِّز، لأنّه ليس فيه دوافع الرّوح. في حالة عدم التّوازن هناك دوافع من الله تدعوك إلى شيء ما، إلى إرادة عمل الخير، والنهوض بعد الوقوع في الخطيئة... أن نعرف كيف نعيش في حالة عدم التّوازن: هنا يتمّ توازن مختلف، أسميه التّوازن الديناميكي، والذي لا أستطيع أنا التّحكم به. الرّبّ يتحكم به. ويدفعك إلى الأمام، بمسحة الرّوح. هذا عن التّوازن وعدم التّوازن.
ثمّ الموضوع الثاني: التّنشئة في المعاهد الإكليريكيّة. أعتقد هنا أنّ الكاردينال [رئيس دائرة الإكليروس] يمكنه التحدّث بشكل أفضل مني عن المعاهد الإكليريكيّة، لأنّه يوجد في الدائرة مختصُّون. على سبيل المثال، أبدأ بالقول: يجب أن يكون في المعهد عدد جيّد من الإكليريكيّين ليكوِّنوا معًا ”جماعة“. ”لا، نحن خمسة في الأبرشيّة“: هذا ليس معهدًا إكليركيًّا، هذ حركة رعوية. يجب أن يكون معدل العدد بين 25 – 30. عدد معتدل. إذا كان العدد 200، يُقسَم إلى جماعات صغيرة: عدد معقول في المجموعة، والجماعة. فهذا أمر مهمّ. الإكليركيات الكبرى - 300، كلّهم معًا – هذا غير مناسب. هذه أعداد كانت في زمن مضى. لا، جماعات صغيرة حيث الكلّ يعمل، وجماعات صغيرة ضمن جماعة أكبر.
تنشئة الإكليريكيّين: يجب أن يُوفَّرَ للإكليريكيين تنشئة روحيّة جيّدة. ”أنا ذاهب إلى الإكليريكيّة لأتعلّم الفلسفة، واللاهوت...“. نَعم ولكن، ماذا عن الرّوح؟ أوّلًا، تنشئة روحيّة جيّدة. حتّى في سنة التأهيل الأولى. الغرض منها اليوم هو: تدريب الإكليريكي للتمييز الرّوحي، التّنشئة الرّوحيّة، وللعِلم، علوم الرّوح. وثانيًا: تدريب فكري جادّ. هذا لا يعني أنّهم أساتذة الفكر. لا، بل يعرفون كيف يفكّرون، ويعرفون عِلم اللاهوت الأساسي. بذلك، أنا مطمئن. ويستغرق عِلم اللاهوت الأساسيّ أربع سنوات. يجب أن يعرفوا ذلك. ولكن، مع تنشئة روحيّة جيّدة. لهذا من الضّروريّ في بعض الأحيان تجميع مجموعات إكليريكيّة صغيرة في جماعة واحدة، فيكون من الممكن توفير أساتذة ومريِّين مؤهَّلين. قلت: روحي وفكري. والآن: روح الجماعة. في مجموعات صغيرة، نعم، لكن حياة جماعيّة، يجب أن يتعلّموا الحياة الجماعيّة، وألّا يقعوا في انتقاد بعضهم البعض، في ”أحزاب“ داخل الكهنوت، وكلّ هذا. هذا يجب تعليمه في الإكليريكيّة. ثمّ، الحياة الرّسوليّة. كلّ إكليريكيّة لها عوائدها في التّدريب على الحياة الرّسوليّة. عادة يذهبون إلى الرعيّة في نهاية الأسبوع: هذا مهمّ جدًّا، لأن الحياة الرّسوليّة تمنح أيضًا هذه القدرة، ”رائحة الخراف“ التي تكلّمتَ عليها. وتمنحك القدرة على ترسيخ نفسك في الواقع. وربما عليك أن تذهب عند كاهن رعيّة عصبي، أو إلى رعيّة فيها مشاكل، ستتعلّم كيف تتعامل مع هذا. وأبناء الرعيّة التي تذهب إليها يعرفونك أحيانًا أفضل من رؤسائك. تجربتي: عندما كنت أطلب معلومات لترقية شخص ما إلى رتبة الشّماس أو الكهنوت، عندما كنت يسوعيًا، كنت أسأل الإخوة الرّهبان المساعدين، وكثيرين غيرهم، لكن دائمًا الإخوة المساعدين، وأبناء الرعيّة. وأفضل المعلومات لم تأتني من الأساتذة: كانت جيّدة، لكن الأفضل كان يأتيني من الإخوة المساعدين، ومن نساء الرعايا. من الغريب: لديهم حاسة الشّم. أتذكّر حالة شاب جيّد، وذكي، كان يجب أن يُرسم شماسًا، أتذكّر ذلك جيّدًا. قالت لي امرأة من الرعيّة: ”في رأيي، انتظر قليلًا، لأنّه جيّد، لديه كلّ الصّفات، لكن فيه شيء لا يقنعني“. اكتفيت بهذا. وقال لي أيضًا راهب مساعد: ”أبتِ، اجعله ينتظر مدة عام. هذا لن يضرَّه“. ومن كلّ الباقين، مديح فقط. اتبعت هذا الطّريق. وبعد أربعة أشهر ترك بإرادته: مرَّ بأزمة. هذا مهمّ. شعب الله يفهمك جيّدًا. لذلك في التّنشئة الإكليريكيّة أربعة أشياء: تنشئة روحيّة جادّة، وإرشاد روحيّ متين، وتنشئة فكريّة عميقة، لا تكتفي بالكتاب المدرسي، وتنشئة على الحياة الجماعيّة بين الإكليريكيّين، وتنشئة على الحياة الرّسوليّة.
سؤال
أيّها الأب الأقدس، جيل اليوم من الكهنة والإكليريكيّين منغمس في العالم الرّقمي ووسائل التّواصل الاجتماعي. كيف يمكننا أن نتعلّم استخدام هذه الأدوات فنجعلها فرصة لمشاركة فرحنا بكوننا مسيحيّين، دون أن ننسى هويتنا، ودون أن نعرِّض أنفسنا للمخاطر، أو أن نكون متغطرسين؟ شكرًا.
البابا فرنسيس
أعتقد أنّه يجب استخدام هذه الأشياء، لأنّها تقدُّمٌ في العِلم، وهي تؤدي خدمة للتقدّم في الحياة. أنا لا أستخدمها، لأنّني وصلت متأخرًا، تعرفون هذا. عندما رُسمت أسقفًا، قبل 30 عامًا، أهدوني هاتفًا محمولًا، كان مثل حذاء، بهذا الحجم، أليس كذلك؟ قلت، ”لا، لا أعرف أن أستخدمه“. وأخيرًا قلت، ”سأجري مكالمة“. اتصلت بأختي، وسلَّمْتُ عليها، ثمّ أعدته. ”أعطوني شيئًا آخر“. لم أتمكن من استخدامه. لا أعرف لماذا. كانت نفسيتي غير منسجمة معه، أو كنت كسولًا. الشّيء الوحيد الذي تمكنت من استخدامه هو جهاز Olivetti مع ذاكرة، سطر واحد فقط، اشتريته في ألمانيا. كان عَرْضًا، 59 مارك، لا شيء. ساعدني، وبقي في بوينس آيرس، استخدمته حتّى الآن. لا افهم في هذه الأمور. لكن عليكم أن تستخدموها، عليكم أن تستخدموها فقط لهذا، لتساعدكم في التقدّم، وللتواصل: هذا جيّد. لكن لا يسعني إلّا أن أتحدث هنا عن المخاطر، أن تقضي كلّ نهارك وأنت تشاهد الأخبار هنا وهناك، وهناك وفي كلّ مكان. أو تشاهد هذا البرنامج الذي يثير اهتمامك أو غيره، لأنّ لديك كلّ شيء في متناول اليد... أو أستمع إلى هذه الموسيقى التي تهمني والتي تمنعني من العمل... عليكم أن تعرفوا كيف تستخدمونها جيّدًا. وهناك أيضًا شيء آخر تعرفونه جيّدًا: المواد الإباحيّة الرقميّة. أقول هذا بوضوح شديد. لن أقول: ”ارفعوا أيديكم، إذا اخبترتم ذلك مرّة واحدة على الأقل“، لن أقول هذا. لكن ليفكّر كلّ واحد منكم هل مرَّ بهذه الخبرة، أو مرّ بتجربة إغراء المواد الإباحيّة في العالم الرقمي. إنّها رذيلة عند الكثيرين. علمانيّون كثيرون وعلمانيّات، وكذلك كهنة وراهبات. الشّيطان يدخل من هنا. ولا أتحدّث فقط عن المواد الإباحيّة الإجراميّة مثل الاعتداء على الأطفال، أنت ترى الاعتداء أمامك صورة حيّة: هذا فعلًا انحطاط. لكن أيضًا المواد الإباحيّة ”العادية“. أيّها الإخوة الأعزاء، انتبهوا إلى هذا. القلب النقي، الذي يستقبل يسوع كلّ يوم، لا يمكنه أن يتقبَّل هذه المعلومات الإباحيّة. وهذا اليوم أمر عادي. إن كان بإمكانك حذف هذا من هاتفك المحمول، فاحذفه، حتى لا تكون التجربة قريبة منك. وإن لم تتمكن من إلغائها، دافع عن نفسك جيّدًا، حتّى لا تقع. أقول لكم هذه أمور تُضعف النفس. إنّها تُضعف النفس. والشّيطان يدخل من هنا، ويُضعف القلب الكهنوتي. معذرةً إن نزلت إلى هذه التّفاصيل عن المواد الإباحيّة، لكن هذا واقع: واقع يمس الكهنة والإكليريكيّين والراهبات والنفوس المكرّسة. هل فهمتم؟ حسنًا. هذا مهمّ.
سؤال
البابا فرانسيس، في السّنوات الأخيرة في روما، أنا وكاهن زميل لي، كنا نهتم بمجموعة من الشّباب بعد التّثبيت، هنا في رعية قريبة. كلانا من بلدان أخرى. قال لي شاب يومًا: ”هل انتبهت أنّ زميلك، يتكلّم بالإيطاليّة أفضل منك؟ مقابل ذلك، أنت تستخدم يديك وحركاتك بطريقة أفضل منه“. من ملاحظة هذا الشّاب، فهمت أنّ الكلام بشكل جيّد في البشارة، أمر مهمّ، ومهمّ أيضًا الحركات التي ترافقه. الكلام مهمّ، والحركات أيضًا. بالنسبة للإيطاليّين، لعل الأهمّ هو الحركات التي ترافق للكلمات. في التّنشئة والتّأهيل للكهنوت، يعلّموننا كثيرًا كيف نتكلّم، وكيف نستخدم الكلمات والكلام بشكل جيّد، كيف نُعِدُّ خطابًا فلسفيًّا متماسكًا، وكيف نفسّر الكتاب المقدس، ونلقي عظة جيّدة في الكنيسة. لكن، أنت، أيّها الأب الأقدس، أظهرت لنا أهميّة الحركات، والأعمال، والحنان العمليّ، ومدى قوّة الحركات، كم تكون حركاتنا بليغة. أرى كيف تعانق المتألّمين، وكم أودّ أن أفعل ذلك أنا أيضًا. أرى كيف تقبِّل المرضى، وكم أودّ أن أفعل ذلك أنا أيضًا. أرى كيف تلمس المحتاجين، وكم أرغب في ذلك أنا أيضًا. أعلم أنّ الحركات لا نتعلّمها بين عشية وضحاها، وأنا أعلَم أنّني لن أكون أبدًا كاهنًا يعظ جيّدًا، إن لم أتعلّم لغة الحركات منذ اليوم. كيف تعلّمت أنت حركات الرّحمة هذه؟ كيف يمكننا نحن أيضًا أن نصل إليها في الإكليريكيّة، كيف نتعلّم هذه اللغة المهمّة جدًّا؟
البابا فرنسيس
شكرًا. أين تعلّمت الحركات؟... الحركات، الحياة تعلّمك إيها. على سبيل المثال، شيء تعلّمته من التّجربة الشّخصيّة وهو أنّه عندما تذهب لزيارة مريض، يجب ألّا تتكلَّم كثيرًا. أمسك بيده، وانظر في عينيه، وقل كلمتَين، وابق هكذا. في الجراحة التي أجروها لي، حيث استأصلوا جزءًا من الرّئة عندما كان عمري 21 سنة، جاء جميع أصدقائي، والخالات والعمات، والجميع يتكلّمون: ”ستتعافى، ستتكلّم وستعود إلى اللعب...“. أعجبني ذلك، لكنّي شبعت منه وسئمت. جاءت يومًا الراهبة التي أعدّتني للمناولة الأولى، الأخت دولوريس، امرأة متقدّمة في السّن، صالحة، أمسكت بيدي، ونظرت في عيني وقالت: ”أنت تقتدي بيسوع“، ولم تقل شيئًا آخر. لقد عزاني ذلك. من فضلكم، عندما تذهبون إلى مريض، لا تُشبعوه بالتّحليلات وبوعود المستقبل. القرب وحده كلام. الحضور أبلغ من الكلمات.
هذه حركة قلت لك كيف تعلّمتها. الحركات ستتعلّمها. حركات الحنان تتعلّمها مع المسنّين، زوروا المسنّين. الزيارة الأولى، تُسَلِّم عليهم عن بعد. ثمّ بعد مرّتين أو ثلاث مرّات، تلاطفهم، المسنّين. ثمّ اترك، اسمح لنفسك أن تعبّر، حتّى تصل إلى التعبّير الكامل. حتّى في العظة. اتصلت يومًا بابنة أخي. ”كيف حالكم؟“ - كان يوم أحد، أحيانًا في أيام الآحاد اتصل بأختي - ”كيف حالك؟“. ”حسنًا، حسنًا، لكن أشعر بالملل قليلًا، ذهبنا مع زوجي والأطفال إلى القداس، في تلك الرعيّة، غير العاديّة، وسمعت العظة، تفسيرًا فلسفيًا جميلًا مدة 40 دقيقة، لكن لا شيء عن كلمة الله!“. إن لم تكن إنسانًا في الحركات، كذلك الذهن يصير ضيقًا أيضًا، وستقول في العظة أشياء مجرّدة لا يفهمها أحد. وسيحاول البعض أن يخرج ليدخن سيجارة ويرجع، كما يحدث عادة... هناك ثلاث لغات تبيِّن لك نضج الإنسان: لغة الفكر، ولغة القلب ولغة اليدين. ويجب أن نتعلّم كيف نعبّر عن أنفسنا بهذه اللغات الثلاث: أن أفكّر فيما أشعر به وفيما أعمله، وأشعر بما أفكر فيه وأعمله، وأعمل ما أشعر به وأفكر فيه. هنا أستخدم كلمة توازن: التّوازن بين هذه الأشياء. في بعض الأحيان تشعر أنّك تريد أن تمازح شخصًا ما، ولكن... لتكن مع الحركة والفكر والقلب واليدين.
قال دوستويفسكي: عندما أرى أطفالًا مرضى - ”كم يتألّم الأطفال“ - أطفال مرضى لاطفوهم... يمكن أن يتهمك البعض بالشّذوذ الجنسي تجاه الأطفال؟ لا، لا، أبعِد هذا الاتهام المحتمل. مثل كبار السّن الذين يحتاجون إلى ملاطفة... أتذكّر أنّني كنت أذهب كثيرًا في بوينس آيرس إلى دور المسنّين، وأحيانًا كنت أقيم القداس هناك. المسنّون عبقريّون، يسألونك أسئلة معقدة... وفي القداس كنت أقول: ”من منكم يريد أن يتناول؟“ وأمرّ. وعدة مرّات، لا يقدرون أن يمشوا، مسِنُّون، يسيرون مع العصا. وكنت أتابع وأقول: ”من يريد أن يتناول؟ ليرفع يده“. رفع الجميع أيديهم... ناولت سيّدة، فأمسكت بيدي، وقالت: ”شكرًا، أبتِ، أنا يهوديّة“. قلت لها: ”الذي أعطيتك إياه كان يهوديًا أيضًا، لا تهتمي“. كبار السّن يريدون أن تلاطفهم، يريدون أن تستمع إليهم، يريدونك أن تجعلهم يتحدّثون عن زمنهم، وستتعلّم الكثير.
الحنان. هنا ندخل في نهج الله. أسلوب الله هو القرب. هو نفسه يقول ذلك في سفر التثنيّة: "أيّة أمّة عظيمة لها آلهة قريبة منها كالرّبّ إلهنا؟" (تثنيّة 4، 7). القرب هو أسلوب الله، صار قريبًا منا في تجسّد المسيح. إنّه قريب منا. دائمًا القرب. لكن قرب ورحمة، لأنّه يغفر دائمًا، وبحنان. الكاهن الصّالح قريب، عطوف وحنون. بالتأكيد ملاطفة فتاة جميلة أفضل من ملاطفة سيّدة عجوز – هنا كونوا حذرين! - لكن الحنان ينمو ويُعبَّر عنه في الأضداد، سواء في الأطفال أو الأطفال الصّغار الذين ينادونك، أو المسنّين. لكن... ستتعلّم...
أستاذي في الفلسفة، كان مرشدًا روحيًّا شهيرًا، وقد نشر العديد من الكتب أيضًا في الرياضات الرّوحيّة، وترجمت إلى الإيطاليّة، اسمه الأب فيوريتو - ألقى يومًا محاضرة عن السّلوكيّات والأسّس الفلسفيّة، لكنّه تحوَّل سريعًا إلى الحياة الرّوحيّة. سأل سؤالًا أطرحه عليكم جميعًا، إكليريكيّين ولاهوتيّين: هل تلعبون مع الأطفال؟ هل تعرفون أن تلعبوا مع الأطفال؟ كان يطرح هذا السّؤال مرارًا على الأهل: ”أنت الأب، وأنت الأم، عندما تعودون من الشّغل، هل تلعبون مع أطفالكم؟“. تتعلّم الحنان مع الأطفال ومع المسنّين. العادة هي إبعاد كبار السّن لأنّهم يزعجوننا، وهذا يبعدنا عن أحد مصادر الحنان. أسلوب الله، لا تنسوا، هو دائمًا القرب والرّحمة والحنان، وإن كنت قريبًا ورحيمًا وحنونًا، فأنت على الطّريق الصّحيح. الحنان ليس التّنازل حتّى تصير أضحوكة، في بعض الأحيان كثير من التّنازل، يجعلك تنزلق إلى الحماقة. كلا. الحنان هو ما قلته.
سؤال
صباح الخير، أيّها الأب الأقدس. أودّ أن أطرح سؤالي بناءً على حدثَيْن هامَيْن في الكنيسة الجامعة: 400 سنة من ”نشر الإيمان“ في خدمة الرّسالات والبشارة، ثمّ سينودس الأساقفة الذي موضوعه ”الشّركة والمشاركة والرّسالة“. كيف يمكننا نحن الإكليريكيين الشّباب أن نخرج من ”راحتنا“ لنبشّر الشّباب الآخرين؟ ما هي التّحديّات التي نواجهها نحن الشّباب الراغبين في أن نصبح كهنة في عالم اليوم؟ شكرًا.
البابا فرنسيس
لا توجد طريقة لذلك. أنت تستخدم كلمة ”إكليريكيّة“ للغايّة، ”الراحة“. أي، لا تزعج الكاهن، الكاهن مشغول. الراحة تقود الكهنة عدة مرّات إلى البحث عن راحته الخاصّة: أستقبل من السّاعة كذا إلى السّاعة كذا... قال لي يومًا كاهن رعيّة صالح، في أحد الأحياء إنّه يريد أن يبني جدارًا خلف النافذة، لأنّ الناس كانوا يأتون في كلّ ساعة ويدقون على النافذة، لأنّهم كانوا بحاجة إلى كذا وكذا، صلاة، قداس... وقلت: ”وهل بنيت الحائط خلف النافذة؟“ قال: ”لا، لا أستطيع، يا أبت، بدون الناس لست كاهنًا“. إجابة سديدة. سديدة! الراحة. هناك شخصيّة صدمتني دائمًا، الكاهن المستريح، شيئا مثل “Monsieur l’abbé” في البلاطات الفرنسيّة، موظف - أنتم الذين تعملون في الكوريا الرّومانيّة، خذوا حذركم! - الكاهن الموظف. يعيش الكاهن الموظف الكهنوت وكأنّه وظيفة. أمر مريح. بساعات عمل محدّدة. وهذا من اختصاصي، وهذا لا... وهكذا مع العمر يتحول إلى ”عانس“، مثل مهووس وله عوائده، وعصبي كلّ يوم. خذوا خذركم، خذوا حذركم من هذا. لا تطلبوا راحتكم. الكهنوت خدمة مقدّسة لله، وأسمى عمل فيها هي الإفخارستيا، ثمّ هي أيضًا خدمة للمجتمع. إذا كنت لا تقدر أن تقوم بذلك، تكلّم مع الأسقف. ربما تكون ربَّ عائلة جيّدًا. لكن، من فضلكم، لا تكونوا موظفين. هذه هي الراحة التي تتحدّث عنها.
هناك شيء آخر يرافق هذه النزعة إلى الراحة، وهو ”الوصوليّة“، الكهنة ”المتسلِّقون“، الوصوليّون، الذين يريدون أن يصلوا إلى منصب. أعتقد أنّهم في النهايّة يظهرون... في الكوريا الرّومانيّة لا، لا يحدث ذلك في الكوريا! لكن يحدث ذلك في مكان آخر... عندما تريد أن تجري تغييرًا، إذاك، يظهر ”المتسلّق“... من فضلكم توقفوا، توقفوا. لأنّ ”المتسلّق“ في النهايّة هو خائن، وليس خادمًا. فهو يطلب مصلحته الخاصّة، ولا يفعل شيئًا للآخرين. كان لي جدّة تعلّمنا ”التّعليم المسيحي“. كانت مهاجرة والمهاجرون، مع مرور الوقت، المهاجرون الإيطاليّون، كانوا يهاجرون إلى أمريكا، وكانوا في الوقت نفسه يبنون البيت، ويربون أبناءهم... وكات الجدّة تعلِّمنا وتقول لنا: ”في الحياة يجب أن تتقدّم“، أيّ على الفور، ضع الطُوب، واشتر الأرض، وابنِ البيت، وتقدّم، ولتكن لك مكانة، وعائلة. علّمتنا ذلك. لكن احذروا من الخلط بين التقدّم والتسلّق، لأنّ المتسلّق هو من يتسلّق ويتسلّق ويتسلّق، وعندما يكون فوق، يُظهِر... وكانت الجدّة تقول الكلمة! يُظهِر لك ذلك. هو كذلك، ويُظهِر لك كذلك. الشّيء الوحيد الذي يفعله المتسلّقون هو أنّهم يصيرون أضحوكة. هم أضحوكة. لقد أفادني هذا في الحياة. في الواقع، عندما تأتي المعلومات لاختيار الأساقفة - أنت في دائرة الأساقفة وتعرف كيف تسير الأمور – تأتي فورًا المعلومات من الزملاء: إنّه ”متسلّق“، إنّه يبحث عن منصب... خذوا حذركم. الراحة والتسلّق، والبحث عن منصب. عندما كنت شابًّا كان يقال باللغة الإسبانيّة، لا أعرف هل تُستعمل العبارة باللغة الإيطاليّة: لقد اختار ”المهنة“ الكهنوتيّة. مثل مهنة الطبيب والمحامي... اليوم هذه العبارة لا تُستَخدَم. والحمد لله. لكن المتسلّق يبحث عنى منصب. احذروا، خذوا حذركم. وإن كان لكم رفيق من هذا القبيل، ساعدوه ليتوقّف عن التسلّق، لأنّه في النهايّة، سيُظهر أسوأ ما فيه. والمتسلّق لا يكون راضيًا أبدًا.
الشّركة والمشاركة والرّسالة. نعم، إن كنت تعيش الشّركة فأنت تفكّر في غيرك. وإن كنت تشارك فأنت تتقاسم مع غيرك، وإن كنت تحمل رسالة فأنت تفكّر في غيرك. الخدمة، دائمًا الخدمة. الخدمة الليتورجيّة هي أيضًا خدمة. لخدمة الآخرين، وليس راحة الذات. أعتقد ليس لديَّ المزيد في هذا الموضوع. فهمتم بوضوح خطر البحث عن المتعة الخاصّة، والطّمأنينة الخاصّة، وخطر التسلّق؟ وللأسف، هناك مع ذلك، العديد من الذين يبحثون عن المناصب. من فضلكم، إن كان في أحدكم هذا الإغراء، توقّف، واطلب النصيحة لتتوقّف.
سؤال
صباح الخير، أيّها الأب الأقدس. شكرًا جزيلًا لهذه الفرصة الجميلة لأن نكون معك. مسيرة الدعوة للطالب الإكليريكيّ هي مسيرة دائمة لتمييز، لمعرفة دعوته. من خبرتي، وما أعرفه من خبرة الآخرين، في بعض الأحيان، أو في أكثر الأحيان، يرى الطالب نقاط ضعفه، ويشعر بالخوف من عدم القدرة على تلبية متطلبات الدعوة الكهنوتيّة، ويخاف أيضًا أنّه لن يكون سعيدًا في الخدمة الكهنوتيّة. وقد يشعر أيضًا أنّه لا ينجذب بمحبّة الله أوّلًا، بل ببعض التّفاصيل الأخرى الأقل أهميّة في الكهنوت، وما إلى ذلك. ومع ذلك، يشعر في نفس الوقت، بقوّة دعوة الله في داخله، وبتأثّره بالظروف التي اتسمت بها مسيرته. في مثل هذه المواقف، قداسة البابا، ما هو الطّريق الصّحيح الذي يمكن أن يسلكه الإكليريكيّ في عمليّة تمييزه ومعرفة دعوته؟ وبصورة أعمّ: بِمَ يقوم التّمييز الصّحيح؟ شكرًا جزيلًا، أيّها الأب الأقدس.
البابا فرنسيس
شكرًا. إنّ التّمييز الصّحيح - أوّلًا أقول لكم - لا يقوم بالتّوازن، كلا، ليس هذا. هذا يفعل المقاييس. التّوازن يفعله الميزان. التّمييز يعني أنّ هناك شيئًا غير متوازن، المعذرة، الوضع الذي يجب أن تميّز فيه عدم توازن: المشاعر تسيطر عليك، من هذه الجهة أم من تلك، أو من جانب آخر... التّمييز الصّحيح هو البحث عن كيفيّة اكتشاف الطّريق إلى الله، في عدم التوازن هذا، لا اكتشاف التّوازن، لأنّ عدم التّوازن يجد حلّه دائمًا على مستوى أعلى، وليس على نفس المستوى. وهذه نعمة الصّلاة، نعمة الخبرة الرّوحيّة. اذهب أمام الله مع عدم التّوازن الذي فيك، بمساعدة أخ، إن شئت، والصّلاة، والبحث عن مشيئة الله يقودك إلى حلّ عدم التّوازن، لكن على مستوى آخر. إنّه يدفعك دائمًا إلى الأمام، ويخرجك من تناقض عدم التّوازن - وهو ليس تناقضًا رياضيًا، إنّه تناقض إنسانيّ - ويأخذك خطوة إلى الأمام. عدم التّوازن لا يحلّ مع طرف واحد فقط، لا. يتخذ كلّ واحد وضعًا جديدًا. وهذه هي نعمة المرافقة الرّوحيّة التي تساعدنا على إيجاد هذه الطّريقة لحلّ عدم التّوازن.
”في مثل هذه المواقف، ما هو المسار الصّحيح الذي يمكن أن يسلكه الإكليريكيّ في عمليّة تمييزه؟“. ما قُلته عن التّمييز. الصّلاة والحوار مع الشّخص الذي يرافقك، سواء كان كاهنًا، أم صديقًا، أم راهبة، أم علمانيًا، أم أيًّا كان. الصّلاة والحوار.
”بشكل أعمّ، بماذا يقوم التّمييز الصّحيح؟“. التّمييز الصّحيح لا يعني أنّ النتيجة هي التّوازن. التّمييز الصّحيح تراه فيما بعد. القرار منسجم، لا ”متوازن“. التّوازن شيء والانسجام شيء آخر. إنّها أشياء مختلفة. التّوازن شيء رياضيّ وفيزيائيّ. والانسجام شيء من قَبِيل الجمال، إن أردت أن تقول هكذا. التّوازن هو إجراء مقارنة بين طرفَين ووجود حلّ وسط. الانسجام، في التّمييز، هو هبة من الرّوح القدس: الوحيد الذي يمكنه تحقيق الانسجام هو الرّوح القدس. إنّه هبة. عرّف القدّيس باسيليوس الرّوح القدس قال إنّه ”هو الانسجام نفسه“. هو الانسجام. ندخل بالفعل في التّمييز مع الرّوح القدس في داخلنا. لا يمكنك أن تقوم بالتّمييز المسيحيّ بدون الرّوح القدس. ولهذا عدم التّوازن هو جزء من صلاتنا، ويدخل في طريق الرّوح القدس، ويقودك إلى وضع جديد منسجم. وبعد ذلك يمكنك الدخول في وضع آخر غير منسجم، وسيكون الرّوح هو الذي سيأخذك إلى أبعد من ذلك. إنّه ليس شيئًا ماديًا، وليس شيئًا فكريًا، وليس شيئًا عاطفيًا: إنّها نعمة قبول الرّوح القدس، هذا هو الانسجام. بالصّلاة نصل إلى نعمة فهم الانسجام في الرّوح. لا أعرف هل أجبتُ جيّدًا على هذا السّؤال. قل لي: هل فهمت؟ الهدف من التّمييز ليس التّوصّل إلى توازن مثل توازن الميزان. لا، لكنّه صلاة، وتقدّم، وأن تترك الرّوح يسير إلى الأمام مع حركاته في داخلنا.
ثمّ ما هي نتيجة التّمييز الصّحيح؟ التّعزيّة الرّوحيّة. الرّوح القدس، عندما يمنحك الانسجام، يمنحك التّعزيّة. أمّا إن كنت في مشكلة، فأنت لست في حالة تعزيّة، بل أنت في حالة غمّ. يجب أن نتعلّم كيف نستخدم في حياتنا حركات الرّوح، التّعزيّة والغمّ: هذا أمر يفيدني، وهذا أمر يسعدني، وهذا أمر يحرمني السّلام... ماذا يفعل الرّبّ في قلبي وماذا يفعل الشّيطان؟ لأنّ الشّيطان موجود! يقول القدّيس بطرس إنّه يدور، ويدور، ليجد من يفترسه. إنّه الخطر الذي يهدّدنا. لكن الرّوح هو المرشد. وهذه هي الطّريق: اتباع الرّوح القدس.
[الكلام موجَّه إلى الكاردينال لازاروس يو هيونغ سيك (Lazzaro You Heung-sik)]. أودّ أن أجيب على السّؤال العاشر أيضًا، لأنّه من شاب من أوكرانيا، ووطنه يعاني.
سؤال
قداسة البابا فرنسيس، نعم، أنا كاهن من أوكرانيا. نرى اليوم كيف أنّ هناك العديد من الحروب والصّراعات المسلّحة في العالم المعاصر، ولا سيّما الحرب في أوكرانيا. أودّ أن أسألك: ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الكنيسة الكاثوليكيّة في المناطق المتضرّرة من الحروب، وما هي مهمّة الكهنة في تلك المناطق؟ شكرًا.
البابا فرنسيس
شكرًا. الكنيسة الكاثوليكيّة - الكنيسة، أمُّنا الكنيسة المقدّسة - هي أمّ جميع الشّعوب. وهي أمٌّ تتألّم عندما يتقاتل أبناؤها. يجب أن تتألّم الكنيسة أمام الحروب، لأنّ الحروب تدمّر أبناءها. كما تتألّم أمٌّ عندما لا يتفق أبناؤها ويتخاصّمون ولا يكلّمون بعضهم بعضًا - الحروب البيتيّة الصّغيرة - الكنيسة، الكنيسة الأم أمام حرب مثل الحرب التي في بلدك، يجب أن تتألّم وتبكي وتصلّي. يجب أن تساعد الأشخاص الذين عانوا من عواقب وخيمة، والذين فقدوا منازلهم أو جُرِحوا في الحرب أو قُتِلوا... الكنيسة أمٌّ، وواجبها قبل كلّ شيء هو أن تكون قريبة من الناس الذين يتألّمون. إنّها الأم، هي مثل الأم.
ثمّ هي أيضًا أمٌّ تصنع السّلام: إنّها تحاول أن تصنع السّلام في أوقات محدّدة... في هذه الحالة، ليس الأمر سهلًا، لكن قلب الكنيسة الأم مفتوح... أنتم المسيحيّين لا تدخلون في هذا الأمر. صحيح أنّه الوطن، هذا صحيح، ويجب الدفاع عنه. ولكن لنذهب إلى أبعد من ذلك: إلى حبّ أكثر شموليّة. ويجب أن تكون الكنيسة الأم قريبة من الجميع ومن جميع الضّحايا. بل تصلّي من أجل خطيئة المعتدين، من أجل لهذا الذي يأتي ليدمّر وطني ويقتل مواطنيَّ: هل أصلّي من أجله؟ هذا موقف مسيحي. أنت تعاني كثيرًا، شعبك، أعلَم، أنا قريب منه. لكن صلّوا من أجل المهاجمين لأنّهم هم أيضًا ضحايا مثلكم. أنت لا ترى الجروح التي يعانون منها في أرواحهم، لكن صلّوا، صلّوا من أجل أن يهديهم الرّبّ، وحتى يتنازل ويُحِلَّ السّلام. هذا مهمّ.
سؤال
صباح الخير. أيّها الأب الأقدس، صباح الخير وشكرًا. تذكّرنا ”المبادئ الأساسيّة“ في التّنشئة الإكليريكيّة أنّ أوّل مجال تتمّ فيه التّنشئة الدائمة هو الأخُوّة الكهنوتيّة. في الواقع، إنّ الكهنة المتَّحِدين فيما بينهم ومع أسقفهم ويحتفلون معًا بأفراحهم، ويشاركون بعضهم بعضًا في صعوباتهم، هؤلاء يجعلون الجماعة الكهنوتيّة مكانًا للتنشئة والشّركة. ما هي النصيحة التي يمكن أن تقدّمها لنا، بناءً على خبرتك كراعٍ، من أجل خلق مزيد من الأُخُوّة في العلاقات بين الكهنة، التي تساعدنا على مواجّهة تحديّات الوقت الحاضر؟ شكرًا، قداستك.
البابا فرنسيس
هناك أشياء كثيرة. أوّلًا، القرب والتحدّث بعضنا مع بعض، وعدم التّباعد. أقول للأساقفة: الكهنة هم قريبكم الأوّل، كونوا قريبين من الكهنة. أقول لهم: ”أسمع كاهنًا يقول لي: اتصلت بدار الأسقفيّة للتحدّث مع الأسقف، وقالت لي السّكرتيرة، إنّ المواعيد في هذا الشّهر مليئة، ربما الشّهر المقبل...“. أعتقد أنّ هذا الأسقف يدمّر الكهنة. القرب. على سبيل المثال، رئيس أساقفة نابولي المعيّن حديثًا، ماذا فعل؟ أعطى رقم هاتفه الشّخصي لجميع الكهنة - أكثر من ألف في نابولي -. ”هل يضايقونك؟“ - ”لا، لا، ولكن عندما يحتاجون إليَّ، فإنّهم يتصلّون بي مباشرة“. هذا القرب يساعد العلاقة بين الكاهن والأسقف، وكذلك يساعد الكاهن في علاقاته مع الآخرين. ثمّ، لا أعرف هل هذا يحدث هنا، لكن في بلدي يحدث، هناك مجموعات من الكهنة يثرثرون على الآخرين، وهناك يمين ويسار، وهؤلاء هنا وهؤلاء هناك... هذا سُم قاتل. سُم. سوسة تقتل الجسم الكهنوتيّ. الوَحدة بين الكهنة. وإذا لم يكن لديك الجرأة لتقول الأشياء في وجه الشّخص المعني، فابلع ما فيك. لا تذهب لتفرّج عن نفسك بانتقاد أخيك الكاهن. لا. هذا ليس عمل رجال. الرجل يذهب ويقول الأشياء كما هي. بمودّة وبحب. وإن كنت لا تستطيع أن تقول ما لديك لأنّ الآخر عنيف بعض الشيء، اذهب وقل ما عندك للأسقف الذي هو أبٌ للجميع. لكن لا تَقُلْ لكلّ الآخرين. هذا القرب ضروري، حتّى لا يُدمَّر الجسم الكهنوتي. ومع الأسقف، مساندة متبادلة. أحيانًا يكون الأسقف له ”صفاته غير المستحبة“، فهو أيضًا إنسان. وانهي بهذا، في كيف يجب التّعامل مع الأسقف، بقصة كانت ترويها جِدَّتي. كانت هناك عائلة لطيفة جدًّا، لكن الجدّ الذي كان يعيش معهم تقدّم في السّن، وكبر كثيرًا، وبدأ لعابه ينزل وهو يأكل ويوسِّخ نفسه. قال الأب يومًا للعائلة: ”من الغد يأكل الجدّ في المطبخ. لقد صنعت له مائدة جميلة، وسيذهب الجدّ إلى هناك، وهكذا يمكننا أن ندعو بعض الناس، وهو سيكون وحده“. ومرّت الأيام، وعاد الأب من الشّغل، ورأى ابنه البالغ من العمر ست سنوات يشتغل بالمسامير والخشب... ”ماذا تفعل؟“ - ”طاولة، أبي!“ - ”ولماذا؟“ لك، أبي، عندما تصير كبيرًا!“. وهكذا، المسِنّون يوضَعون جانبًا. من فضلكم، حاولوا أن تنظروا إلى الأسقف كأب. وإن استطاع أحد أن يقول له عيوبه، فليَقُلها له، كما تُقال لأب. إنّه أب، وليس عدوًّا، ولا مدير الشّركة.
أيّها الأعزّاء، شكرًا جزيلًا! والآن لنصلِّ إلى سيّدتنا مريم العذراء لتساعدنا جميعًا.
[ملاك الرّبّ...]
[البركة]
وربّما في المرّة القادمة، سننظر في 198 سؤالًا الباقية.
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2022
Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana